بيان صادر عن "تضامن" – اليوم العالمي للطفل (20 نوفمبر) انتهاكات جسيمة وممنهجة بحق الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية


بيان  صادر عن

  

في اليوم العالمي للطفل، تُعلن المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين (تضامن) أن منظومة حماية الطفولة التي أقرّتها الشرائع الدولية تتعرّض لاختبار قاسٍ داخل السجون والمعسكرات الإسرائيلية. فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تكشف الشهادات الموثقة عن نمطٍ ثابت ومتكرر من الانتهاكات التي لا تستهدف الأطفال الفلسطينيين عرضًا، بل تُمارس بحقهم كسياسة ممنهجة تتحدى بشكل مباشر بنية القانون الدولي ذاته.
فبدل أن يُعامل الأطفال باعتبارهم أصحاب حقوق غير قابلة للتعطيل، يُحتجزون في ظروف قاسية، ويُنتزعون من بيوتهم بعنف، ويُخضعون لتحقيقات تفتقر إلى أدنى ضمانات العدالة، ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة وحرمانهم من حقهم في التعليم والصحة والاتصال بعائلاتهم. هذه الانتهاكات — بحسب معايير القانون الدولي — لا تقع في نطاق “المخالفات العادية”، بل ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي.
إن وجود أكثر من  400 طفل فلسطيني خلف القضبان يشكّل دليلًا صارخًا على اتساع دائرة الاستهداف، ويضع سلطة الاحتلال أمام مسؤولية قانونية مباشرة، كما يُحمل المجتمع الدولي واجبًا لا يمكن التهرب منه: واجب التحرك لوقف انتهاكات تطال فئة يحميها القانون الدولي بأشد العبارات وضوحًا وحزمًا.

الاقتحام… لحظة كسر الطفولة الأولى
تبدأ القصة غالبًا في الليل؛ جنود يداهمون البيوت بعنف، يحطمون الأبواب، يصرخون في وجوه الأطفال، ويسحبونهم من أسِرّتهم دون مذكرة توقيف أو إخطار قانوني.
هذه اللحظة الأولى — لحظة الرعب والاضطراب — تمثل انتهاكًا صريحًا للمادة (16) من اتفاقية حقوق الطفل، وللمواد (27 و31) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تكفل الحماية والكرامة للمحميين.

التحقيق تحت الإكراه… اعترافات تُنتزع بالقوة
لا يحصل الأطفال على أي ضمانات خلال التحقيق: لا محامٍ، ولا أحد من الوالدين، ولا حتى لغة يفهمونها. تُطرح الأسئلة بالعبرية، وتُستخدم الضغوط، ويُجبر الأطفال على توقيع إفادات لا يعرفون محتواها.
هذا الأسلوب يتعارض مع المادة (40) من اتفاقية حقوق الطفل، والمادة (14) من العهد الدولي التي تُبطل الاعترافات المنتزعة بالإكراه.
التعذيب وسوء المعاملة… انتهاكات محظورة دوليًا
تكشف الشهادات أن الأطفال يتعرضون للضرب المبرّح، والحرمان من النوم، والوضعيات القسرية المؤلمة، والتفتيش العاري، والعزل، ومنع الاتصال بالأسر. بعض الأطفال نُقلوا إلى معسكرات مكشوفة في ظروف لا إنسانية.
وتُظهر هذه الممارسات تجاهلًا كاملًا للحظر المطلق للتعذيب المنصوص عليه في المادة (2) من اتفاقية مناهضة التعذيب، والمادة (7) من العهد الدولي، والمواد (31–32) من اتفاقية جنيف الرابعة.

المحاكمات العسكرية… قضاء لا يعترف بحقوق الطفل
يُحاكم الأطفال أمام محاكم عسكرية تُدار بالعبرية، وتستند في أحكامها إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، دون مراعاة لسنّ الطفل أو لحقه في ضمانات المحاكمة العادلة.
هذا النظام يتجاهل "المصلحة الفضلى للطفل" الواردة في المادة (3) من اتفاقية حقوق الطفل، ويخالف نصوص المواد (37 و40) التي تضمن احترام الإجراءات القانونية.

الحرمان من التعليم والرعاية الصحية
يتوقف التعليم كليًا داخل أماكن الاحتجاز، بينما تغيب الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي.
هذا يشكّل خرقًا مباشرًا للمادتين (24) و(28) من اتفاقية حقوق الطفل، اللتين تضمنان الحق في الصحة والتعليم دون تمييز.

الموقف القانوني
ترى "ضامن" أن الانتهاكات الموثقة بحق الأطفال الفلسطينيين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي، لاسيّما المادتين (7) و(8) اللتين تجرّمان التعذيب، الاعتقال غير القانوني، والمعاملة القاسية.
وتشير المؤسسة إلى أن استمرار هذه الممارسات يعكس سياسة ممنهجة تنتهك القواعد الآمرة للقانون الدولي، وفي مقدمتها الحظر المطلق للتعذيب في القانون الدولي العرفي.

تطالب المؤسسة بـ:
•    الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأطفال الأسرى.
•    وقف محاكمة القاصرين أمام المحاكم العسكرية.
•    فتح تحقيق دولي مستقل في أنماط التعذيب والانتهاكات.
•    السماح للصليب الأحمر واليونيسف بزيارة أماكن الاحتجاز دون قيود.
•    محاسبة المسؤولين أمام الآليات الدولية المختصة.
ختامًا
في يومٍ خُصّص للاحتفاء بحقوق الأطفال، تكشف "تضامن" أن الطفولة الفلسطينية تُقمع وتُكسر داخل غرف التحقيق والمعسكرات الميدانية والزنازين المغلقة. إن استمرار هذه الانتهاكات، مقرونًا بصمت دولي مطبق، يمثّل إخفاقًا أخلاقيًا وقانونيًا بالغ الخطورة.
وتشدد المؤسسة على ضرورة توفير حماية فورية وشاملة لهؤلاء الأطفال، ومنع استمرار الممارسات التي تهدد حياتهم وكرامتهم ومستقبلهم.