بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب
عقد اليوم الجمعة في مقر المجلس العربي في إسطنبول ورشة عمل حول تعذيب الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، حيث دعت لهذه الورشة المؤسسة الدولية للتضامن مع الاسرى الفلسطينيين (تضامن) و المجلس العربي الذي يرأسه الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي والذي يشغل حاليا رئيس المجلس العربي.
وقد جاءت الورشة تحت عنوان " تعذيب الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مأسسة التعذيب وغياب المساءلة الدولية"، حيث افتتحت بكلمة لرئيس المجلس العربي المنصف المرزوقي من باريس عبر اتصال مرئي عبر برنامج زووم، والذي تحدث عن أهمية حقوق الانسان في العالم العربي وضرورة تحقيق الشعوب العربية حريتها وحقها في التعبير عن الراي وممارسة الديمقراطية بما يدعم العيش الآمن للجماهير العربية في مختلف بلدانها مؤكدا حق الانسان العربي بالحرية والكرامة.
فيما افاد رئيس مجلس قناة الشرق الفضائية ايمن نور حول أهمية الاحتفاء باليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، مستذكرا تجربته في الاعتقال وما واجهه من ظلم وتنكيل، مشيراً الى ان فداحة الظلم بلغ مبلغه حين تمت مكافاة الجلادين الذين شاركوا في تعذيبه، مؤكدا ان جرح الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال هو جرح عربي نازف لا يمكن تجاوزه، موجها التحية الى النائب الفلسطيني المعتقل مروان البرغوثي والاسير القيادي في الجبهة الشعبية احمد سعدات والاسيرة المحررة خالدة جرار الذين انتزعوا حريتهم من أعماق القيد، والاف غيرهم من المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وقد ختم مداخلته بتوجيه التحية الى سجناء الراي في تونس ومصر وفي كل بلد يعامل الكلمة كجريمة والراي كتهديد والحرية كعدو، مشددا على ضرورة عدم افلات الجناة من العقاب مطالبا بعدالة لا تعرف الجغرافيا ولا تتلون بالأعلام.
وفي احاطة إعلامية حول موضوعة الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين، فقد قام أسامة الغول مدير المؤسسة الدولية للتضامن مع الاسرى الفلسطينيين (تضامن) بالحديث حول محورين اثنين اولاهما احصائي واخر موضوعي كشف فيه بالأرقام حجم الانتهاكات الإسرائيلية من حيث اعداد المعتقلين والأسرى بما فيهم الأطفال والنساء والمعتقلين إداريا والمخفيين قسريا وعدد الشهداء الاسرى منذ الطوفان، فيما جاء المحور الثاني حول الظروف الاعتقالية والانتهاكات التي تعرض لها الاسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣، مستعرضا الانتهاكات الجنسية وسلب حقوق المعتقلين من حيث الزيارة العائلية وزيارة الصليب الأحمر وزيارة المحامين وحرمانهم من التعليم وتعرضهم للتعذيب بشكل منهجي وشبه يومي، مستعرضا بعض التقارير الإسرائيلية والاممية التي صدرت والتي طالبت بفتح تحقيق لمحاسبة قوات الاحتلال على انتهاكاتها بحق المعتقلين، كتقرير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة "بيتسيليم" وتقرير مركز ارشاد المراة في رام الله الذي قدم لمجلس حقوق الانسان في جنيف بتاريخ ٣ مارس الماضي والذي قدمته المحامية كفاية خريم والذي كشف عن انتهاكات جنسية بحق الاسيرات الفلسطينيات وتقارير اممية أخرى موثقة الحالة الاعتقالية والتعذيب بشكل خاص.
اما المحامي خالد محاجنة، وهو محامي هيئة شؤون الاسرى والمحررين في رام الله، فقد فاجأ الحضور بحجم التعذيب وتوصيفاته المؤلمة التي كان من الصعب أحيانا ان يتكلم بها امام الحضور من هول ما رأى وسمع من تعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي زار الاف المعتقلين في سجون الاحتلال واستمع منهم الى الأوضاع الماساوية الجهنمية التي يعيشونها، متطرقا الى زيارة الأسير محمد عرب في معسكر سدي تيمان الشهير وهو مراسل قناة العربي الجديد في غزة، الذي ما زال في الاعتقال، وقد روى للحضور اهوالا وتوصيفا قد لا يصدق عن حفلات التعذيب الممأسسة التي تجري بشكل منتظم ومنها سهولة حالات الاغتصاب للمعتقلين التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي امام المعتقلين الاخرين لارهابهم، مضيفا ان الحالة الصحية للمعتقلين الفلسطينيين لا يمكن ان توصف متحدثا عن حيز رسمه الاحتلال لكل معتقل في معكسر تيدي تيمان لا يمكن مغادرته بحيث يقضي المعتقل ليله ونهاره واكله في دائرة مرسومة على الأرض يعاقب من يخرج عنها وذلك طول فترة الاعتقال مع تكبيل اليدين والقدمين وتعصيب العينين في مشهد تعذيب لم يسبق في التاريخ وصفه، مؤكدا حالات بتر للايدي والارجل للمعتقلين في عدة سجون ومعسكرات اعتقال فضلا عن اعدام اسرى في تلك السجون والمعسكرات.
وفي مداخلة الأسير المحرر محمود شريتح في صفقة طوفان الاحرار مؤخرا، والذي قضى في الاعتقال ٢٣ عاما بعد ان حكم عليه بالسجن ٧ مؤبدات، فقد روى تجربته في الاعتقال، مؤكدا ان ما يجري في السجون الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر هو انقلاب على كل الإنجازات التي حققها المعتقلين في فترات نضالهم المستمرة لعشرات السنين، وان التعذيب والحرمان الذي يلاقيه المعتقلين في سجون الاحتلال لا يمكن تحمله، وان ممارسات الاحتلال المتمثلة بالتجويع لالاف الاسرى والإهمال الطبي بحقهم والاعتداء عليهم بالضرب والتكسير والعزل، تشتد اكثر واكثر مع مضي الوقت، مؤكدا ان ما يجري داخل السجون الإسرائيلية هو مأسسة للتعذيب ومنهجية متعمدة لكسر المعتقل الفلسطيني، دون ان يعلم الاحتلال استحالة ذلك بسبب عنفوان وصلابة المعتقلين الفلسطينيين في مواجهة الالة القمعية الإسرائيلية.
اما المستشار اشرف نصر الله رئيس الهيئة المستقلة لتوثيق جرائم الاحتلال في قطاع غزة، فقد تحدث حول الآليات القانونية والحقوقية لمتابعة جرائم التعذيب، معقبا على حديث محامي الهيئة خالد محاجنة، ومؤكدا انه بعد ما تم سماعه من انتهاكات جسيمة، فان هذا الامر يستدعي تحركا قانونياً عاجلا ومؤثرا وفاعلاً سواء في اطار توثيق هذه الجرائم او رفع الدعاوى للمحاكم الدولية المختصة، من خلال تجميع الجهود وعقد الشراكات الدولية، وفضح الممارسات الإسرائيلية في اطارها القانوني الحقوقي، مؤكدا أهمية متابعة هذه الجرائم وابتكار اليات جديدة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين يقومون بعمليات التعذيب الممنهج في اطار مؤسسي حكومي واضح، يخالف القوانين الدولية والقرارات الأممية التي يجب ان تحمي حقوق الاسرى الفلسطينيين اثناء الاعتقال وتقدم لهم الظروف المناسبة لحين تحررهم.
فيما كانت مداخلة المحامي المعتصم الكيلاني من باريس وهو المختص في المحاكم الدولية والذي تحدث حول دور محكمة العدل الدولية ودورها المناط بها وحجم الاستفادة منها، ودور وتأثير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية وعن الضحايا وذوي الضحايا وكيفية ملاحقة ضباط مصلحة سجون الاحتلال ووزير الامن الداخلي بن غفير في المحكمة الجنائية الدولية بما فيها تقديم طلب للمدعي العام فيها، وطلب غرفة تمهيدية أولى لمحكمة الجنايات الدولية لاستصدار مذكرات توقيف دولية جديدة.
كذلك تحدث الكيلاني حول الدور المنوط بنا عمله في توجيه الجهود الى رفع هذه الجرائم الى المحكمة الجنائية الدولية، وغيرها من المحاكم ذات الاختصاص، مؤكدا على ضرورة التعاون بين المؤسسات الحقوقية، والالمام الكامل بالشروط المهنية التي تقبلها تلك المحاكم، من حيث توفر الشروط والمواصفات الكاملة لاعتماد الشهادات الموثقة من حالات التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وضرورة تمكن المؤسسات الحقوقية العاملة في مجال حقوق الانسان من تملك المهارات اللازمة في عمليات التوثيق سواء من خلال ورشات العمل المتخصصة او الدورات التدريبية التي تعمل على صقل الشهادات الموثقة وفق الأصول بالاهلية للاستخدام في أروقة المحاكم الدولية والمحاكم ذات الاختصاص، معلناً عن دورة يحاضر ويدرب فيها شخصياً بهذا الشأن في الفترة القريبة القادمة.