تُعرب المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين (تضامن) عن رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لاستمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في منع طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر من القيام بزياراتها الدورية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، بذريعة ما تسميه "الاعتبارات الأمنية". وترى المؤسسة أن هذا القرار يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، ويُعدّ خرقًا مباشرًا للمواد (126) من اتفاقية جنيف الثالثة و(143) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، اللتين تكفلان للّجنة الدولية الحقّ في زيارة الأسرى والمعتقلين بانتظام لتفقّد أوضاعهم الإنسانية وضمان حمايتهم من أي معاملة قاسية أو مهينة.
إنّ حرمان الأسرى الفلسطينيين من هذه الزيارات يمثّل إجراءً غير مشروعٍ يهدف إلى حجب الحقائق عن المجتمع الدولي، ويُعتبر محاولة متعمّدة لإخفاء الانتهاكات الجسيمة التي تُمارَس داخل السجون، بما في ذلك التعذيب، والتجويع، والإهمال الطبي، والعزل الانفرادي، والحرمان من الاتصال بالعائلة أو بالجهات الإنسانية.
وتشير "تضامن" إلى أنّ تصريحات وزير جيش الاحتلال "يسرائيل كاتس"، التي أعلن فيها استمرار منع الزيارات بذريعة "الاعتبارات الأمنية"، تُعدّ إقرارًا رسميًا بسياسة ممنهجة تنتهجها الحكومة الإسرائيلية ضد الأسرى الفلسطينيين، وتشكل مخالفةً واضحةً للمادة (1) المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع التي تُلزم جميع الأطراف باحترام أحكام الاتفاقيات وضمان احترامها في جميع الأحوال.
كما تؤكد المؤسسة أنّ هذا القرار يأتي في سياق سياسة الإخفاء القسري والتعتيم الإعلامي المتبعة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث منعت سلطات الاحتلال أي وصول خارجي إلى مراكز الاحتجاز الميدانية ومعسكرات الاعتقال، خاصة تلك التي يُحتجز فيها أسرى من قطاع غزة، ما يزيد من خطر تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة والقتل خارج نطاق القانون دون رقابة أو محاسبة.
وتُحمّل "تضامن" حكومة الاحتلال المسؤولية القانونية الكاملة عن حياة وسلامة أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني محتجزين في ظروفٍ تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا)، وتدعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحرك الفوري لاستعادة حقها في الوصول إلى أماكن الاحتجاز كافة وفقًا لتفويضها الدولي المنصوص عليه في النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
كما تطالب المؤسسة مجلس حقوق الإنسان، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري، بـتشكيل بعثة تحقيق دولية مستقلة لتقصّي الحقائق حول أوضاع الأسرى الفلسطينيين والانتهاكات التي يتعرضون لها، ومساءلة سلطات الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم الممنهجة التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998.
وتؤكد "تضامن" في ختام بيانها أنّ استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات يمثل تواطؤًا ضمنيًا وتشجيعًا للاحتلال على الإفلات من العقاب، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان الحق في الحماية والكرامة للأسرى الفلسطينيين، وإنهاء سياسة العزل والتعتيم التي تمارسها سلطات الاحتلال بصورة ممنهجة ومخالفة لكل القواعد القانونية والإنسانية الدولية.
المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى
30/10/2025