تقرير حقوقي قانوني
نوفمبر/تشرين الثاني 2025
أولًا: مقدّمة عامة
في ظلمة الزنازين الإسرائيلية، حيث تُخرق القوانين ويُغتال الصمت، تُرتكب انتهاكات جنسية خطيرة بحق الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، تتراوح بين التحرش، والاغتصاب، والتهديد بانتهاك الجسد، والإذلال الجنسي.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحوّلت السجون ومراكز الاحتجاز العسكرية — وعلى رأسها سدي تيمان، عوفر، ركَافت، النقب، والدامون — إلى ساحات مفتوحة لجرائم عنف جنسي ممنهجة ترتكب بحق المعتقلين من الجنسين.
هذه الشهادات لم تعد روايات فردية، بل أدلة دامغة موثقة لدى:
وتؤكد هذه المعطيات أن العنف الجنسي لم يعد وسيلة تحقيق أو عقاب، بل أداة حرب ممنهجة تهدف إلى:
وبحسب القانون الدولي، فإن هذه الأفعال تشكّل:
ثانيًا: الفيديو المسرّب – دليل بصري مباشر أنهى الإنكار
في أحد أخطر التطورات، ظهر فيديو مسرّب تم تداوله عبر وسائل إعلام دولية، يوثّق:
هذا الفيديو هو:
ولا يمكن لإسرائيل الادعاء بأنه "حادث فردي"، لأنه:
ثالثًا: شهادات موثّقة لأسيرات من غزة – عنف جنسي منظم
تكشف إفادات الأسيرات المحتجزات — خصوصًا من قطاع غزة — عن نمط متكرر للعنف الجنسي:
1. شهادة الأسيرة "ن.أ" – غزة (موثقة لدى PCHR)
اعتُقلت أثناء مرورها عبر حاجز شمال غزة في نوفمبر 2024، وتعرضت خلال ثلاثة أيام فقط إلى:
وقالت في شهادتها:
"أُجبرت على خلع ملابسي بالقوة بينما كانت يدَيّ وقدماي مقيدتين، ثم تعرضت لاعتداءات جنسية قاسية ومتكررة من قبل عدد من الجنود، وسط الضرب والإهانات والتهديد والتصوير القسري. تُركت لساعات طويلة بلا ملابس وفي وضع مُهين، وتواصلت الاعتداءات خلال الأيام التالية، مقرونة بتهديدات بنشر الصور لإخضاعي وكسر إرادتي. كانت التجربة وحشية إلى حدّ أنني تمنيت الموت".
2. شهادات أسيرات من سجن الدامون (موثقة لدى مؤسسة الضمير)
التوصيف القانوني:
Rape – Sexual Torture – Forced Nudity – Sexualized Surveillance
الاغتصاب – التعذيب الجنسي – التعريّة القسرية – المراقبة ذات الطابع الجنسي.
رابعًا: شهادات الأسرى الرجال – العنف الجنسي كوسيلة تعذيب
1. شهادة الأسير (أ.أ) – 35 عامًا – غزة – الاغتصاب بالكلاب (Sde Teiman)
اعتُقل من داخل مستشفى الشفاء، وتعرض خلال 19 شهرًا لمختلف أشكال التعذيب الجنسي، وصولًا إلى اغتصابه من قبل كلب مُدرّب:
"جرّدونا من الملابس. أخذونا إلى ممر بعيد عن الكاميرات. أطلقوا الكلاب علينا. صعد كلب فوقي واغتصبني بإيلاج واضح، بينما كان الجنود يضربونني ويرشون غاز الفلفل على وجهي. استمر الاغتصاب حوالي 3 دقائق. أُصبت بجروح في الرأس عولجت بـ7 غرز بدون بنج، وبكسور في الأضلاع".
هذا النمط يُصنَّف قانونيًا كـ:
– Animal Sexual Torture تعذيب جنسي باستخدام الحيوانات
2. شهادة الأسير (ت.ق) – 41 عامًا – غزة – الاغتصاب بالأدوات
تعرض ت.ق خلال 22 شهرًا في الاحتجاز إلى:
وقال في شهادته:
"أدخل الجندي عصا خشبية في فتحة الشرج بعنف. رفعها وأعاد إدخالها بقوة أكبر. كنت أصرخ، ثم أجبرني على وضع العصا في فمي ولحسها. فقدت الوعي من شدة القهر. بعد الانتهاء كنت أنزف دمًا. طلبت الذهاب للحمام فوجدت الدم يسيل من جسدي".
هذا النوع من الاعتداء يدخل ضمن:
3. شهادة الشاب (م.أ) – 18 عامًا – غزة – الاغتصاب بالزجاجات
تعرض للاغتصاب بواسطة زجاجة أُدخلت قسرًا في فتحة الشرج:
"أجبرونا على الركوع. أدخلوا الزجاجة وأخرجوها عشر مرات في كل مرة. حصل الأمر معي أربع مرات. كان خلفنا كلب، وكأن الكلب هو من يغتصبنا. كنت أشاهدهم يغتصبون الآخرين بنفس الطريقة. انتهكوا كرامتنا ودمروا حياتنا."
تُظهر شهادته أن:
4. شهادة الأسير المحرر "إ.س." – غزة – سدي تيمان
"جردونا من ملابسنا، هددونا باغتصابنا بزجاجات، وصعقونا بالكهرباء في الأعضاء الحساسة ونحن عراة تمامًا".
موثّقة لدى PCHR ومحامين زاروا المعسكر.
5. شهادة الصحفي الأسير محمد عرب
نقلها المحامي خالد محاجنة:
"أُجبر ستة أسرى على التعري والوقوف على الحائط، ثم اغتصبوا أحدهم بعصا أمامنا. كنا نبكي من الرعب."
6. شهادات الاعتداء الأداتي (Rape with Objects)
موثّقة لدى PCHR ومحامين:
خامسًا: التحليل البنيوي للانتهاكات – لماذا هي سياسة وليست تجاوزات؟
تؤكد المعايير الأممية أنّ الانتهاكات تُعدّ ممنهجة إذا وُجدت عناصر:
(1) التكرار، (2) التشابه، (3) التنظيم، (4) التسلسل القيادي، (5) غياب المحاسبة.
ووفقًا للأدلة:
هذه العناصر تُشكّل هجومًا واسعًا ومنهجيًا (المادة 7 – نظام روما)، أي جرائم ضد الإنسانية.
سادسًا: القوانين الدولية المنتهكة
1. اتفاقية جنيف الرابعة (1949)
ولا يقتصر هذا الحظر على القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه والتجارب الطبية أو العلمية التي لا تقتضيها المعالجة الطبية للشخص المحمي، بل يشمل أيضًا جميع الأعمال الوحشية الأخرى سواء ارتكبتها السلطات المدنية أو العسكرية."
2. نظام روما الأساسي (1998)
وبموجب الفقرة (1/ز) و(1/و) من المادة نفسها، تُصنَّف هذه الأفعال كالتالي:
1. الاغتصاب والعنف الجنسي – جرائم ضد الإنسانية (المادة 7/1/ز)
تشمل:
2. التعذيب – جريمة ضد الإنسانية (المادة 7/1/و)
يُعرّف النظام التعذيب كـ:
الخلاصة القانونية المباشرة
وذلك استنادًا إلى المادة (7) من نظام روما الأساسي.
وتتضمن المادة 8 بشكل واضح:
1. الاغتصاب – جريمة حرب (المادة 8/2/ب/22)
عرّف النظام الاغتصاب باعتباره أحد أشكال الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، وهو فعل يدخل مباشرة ضمن نطاق جرائم الحرب.
2. الاستعباد الجنسي – جريمة حرب
ويشمل احتجاز النساء أو الرجال بغرض الإساءة الجنسية أو استغلالهم القسري.
3. الإكراه على البغاء – جريمة حرب
أي إجبار المعتقل/ة على ممارسة فعل جنسي تحت التهديد أو القوة أو المعاملة اللاإنسانية.
العنف الجنسي بأنواعه – جريمة حرب
وهي مصنفة جميعًا ضمن "أشكال العنف الجنسي ذات الخطورة المماثلة" التي تُعد جرائم حرب بنص المادة.
المادة 28: مسؤولية القادة العسكريين (الفقرة أ)
يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعليًا مقامه مسؤولًا جنائيًا عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والتي تُرتكب من قِبل قوات واقعة تحت قيادته وسيطرته الفعلية، إذا:
الخلاصة القانونية المباشرة
لم يُشارك مباشرة، أو لم يصدر أمرًا مباشرًا، أو ادّعى عدم العلم.
على الرغم من أن المادة 69 لا تذكر كلمة "الأدلة الرقمية" نصًا (لأن النص يعود لعام 1998)، إلا أن التفسير القضائي للمحكمة الجنائية الدولية يضعها ضمن:
الفئة القانونية التالية:
3. اتفاقية مناهضة التعذيب (1984)
النص الرسمي للمادة "لأغراض هذه الاتفاقية، يُقصد بمصطلح "التعذيب" أيّ عمل يُلحق ألمًا أو عذابًا شديدًا، جسديًا كان أم عقليًا، يُلحق عمدًا بشخص ما بقصد الحصول منه أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو لأي سبب يقوم على التمييز أيًا كان نوعه، عندما يكون مثل هذا الألم أو العذاب مُلحقًا بواسطة موظف عام أو شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية أو بتحريض منه أو بموافقته أو بسكوته."
التفسير القانوني:
وقد أكدت ذلك:
وبالتالي:
الاغتصاب، التعريّة القسرية، الإيلاج القسري (بالأدوات أو بالكلاب)، والعنف الجنسي = تعذيب بموجب المادة 1.
- الفقرة 2: "يتخذ كل طرف تدابير تكفل عدم الاستشهاد بأي تصريح يُثبت أنه تم الإدلاء به نتيجة تعذيب، كدليل في أي إجراءات..."
4. العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
"لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر."
تحظر التعذيب بصورة مطلقة دون أي استثناءات، حتى في حالات الطوارئ أو النزاعات المسلحة.
تشمل ضمنيًا:
لأن اللجان الأممية فسّرت هذه الانتهاكات باعتبارها معاملة مهينة وتعذيبًا وفق المادة 7.
5. قرارات مجلس الأمن الدولية ذات الصلة بالعنف الجنسي وحماية النساء
1. القرار 1325 (2000) – حماية النساء في النزاعات المسلحة
يُعدّ القرار 1325 أول وثيقة ملزمة من مجلس الأمن تعترف بالتأثير الخاص للنزاعات المسلحة على النساء.
أهم نقاط القرار:
2. القرار 1820 (2008) – العنف الجنسي كسلاح حرب
يُعد القرار 1820 حجر الأساس في الاعتراف الدولي بأن العنف الجنسي يُستخدم كتكتيك حرب.
أهم نقاط القرار:
يطالب الدول بــ:
3. القرار 2467 (2019) – حماية الناجين من العنف الجنسي
يُعد القرار الأكثر تطورًا في إطار حماية الناجين والناجيات من العنف الجنسي في النزاعات المسلحة.
أهم نقاط القرار:
- العلاج الطبي- الدعم النفسي- إعادة الإدماج- الحماية القانونية
- الأدلة الرقمية - شهادات الضحايا- التوثيق الطبي
الخلاصة
سابعًا: مطالب حقوقية عاجلة