التحقيق الميداني: التعذيب منذ لحظة الاعتقال

منذ لحظة الاعتقال، يتعرّض الأسرى الفلسطينيون لتحقيقٍ ميدانيٍّ قاسٍ يتّسم بالعنف الشديد والإذلال المتعمّد ويشمل ذلك:

• الضرب المبرّح باستخدام العصيّ والأيدي والأقدام، وأحيانًا بأدوات معدنية أو أعقاب البنادق.
• التعذيب النفسي عبر التهديد بالقتل أو الاعتداء على أفراد الأسرة أو هدم المنازل.
• الإذلال الممنهج من خلال إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم أمام الجنود أو وضعهم في أوضاع مهينة.

وتوثّق هذه الممارسات في تقارير حقوقية فلسطينية ودولية عديدة، وتُعدّ انتهاكًا صارخًا لاتفاقية مناهضة التعذيب (UNCAT) ولاتفاقيات جنيف الرابعة التي تُلزم قوة الاحتلال بحماية المعتقلين وضمان كرامتهم الإنسانية.

5. مراكز التحقيق: سدي تيمان نموذجًا

يُعدّ معسكر"سدي تيمان” في صحراء النقب أبرز مراكز التحقيق التي تشهد انتهاكات جسيمة ومنهجية منذ السابع من أكتوبر 2023. وقد كشفت تقارير دولية وحقوقية عن أنّ:

• مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم مدنيون، يُحتجزون في ظروف غير إنسانية داخل خيام معدنية في العراء وتحت المراقبة العسكرية المستمرة.
• أساليب التعذيب الجسدي والنفسي تشمل الضرب الجماعي، التجويع، الحرمان من النوم، والإجبار على أوضاع مؤلمة لساعات طويلة.
• منع الزيارات القانونية والطبية والإنسانية، بما في ذلك حرمان الصليب الأحمر من الوصول، ما يُتيح استمرار الجرائم دون رقابة.

وقد دعت مؤسسات حقوقية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم" و"تضامن" إلى إغلاق المعسكر فورًا وفتح تحقيق دولي مستقل حول الانتهاكات فيه.

تسريبات ووقائع حديثة: جريمة اغتصاب وتعذيب موثقة

في نوفمبر 2025، أثار مقطع فيديو مسرّب من داخل معسكر "سدي تيمان" صدمة دولية واسعة بعد أن أظهر تعرض أسير فلسطيني لاعتداء جنسي وتعذيب مهين على أيدي عناصر أمن الاحتلال.

أكدت المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين (تضامن) أن ما ورد في التسجيل يمثّل دليلًا قاطعًا ومباشرًا على ارتكاب إسرائيل جريمة اغتصاب داخل منشأة احتجاز رسمية، في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.

وقد أوضح بيان "تضامن" أنّ الحادثة ليست واقعة فردية، بل تأتي في سياق من التعذيب الممنهج والانتهاكات الجنسية بحق الأسرى الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023، خصوصًا في سجون سديه تيمان، عوفر، وكتسيعوت.

كما أفاد عدد من الأسرى المحررين في شهاداتهم بأنّ التحقيقات الميدانية ترافقها اعتداءات جسدية وجنسية، وعمليات إذلال علني تهدف إلى كسر إرادتهم وانتزاع اعترافات قسرية تحت التعذيب.

شهادات حية من الأسرى المحرّرين

1. "شوفنا الموت بعيونا" – شهادات من أسرى محرّرين

نشرت صحيفة اليوم السابع المصرية سلسلة شهادات بعنوان "شوفنا الموت بعيونا"، نقلت فيها روايات مؤلمة عن التعذيب الوحشي الذي تعرّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية. أحدهم أفاد بأنه تعرّض للتعذيب طوال 65  يومًا متواصلة، واستخدمت ضده الكلاب، وهدّدوه بإحضار خنازير لتعذيبه كما تعرّض للتجويع والضرب اليومي من قبل ثلاث فرق تعذيب متناوبة داخل الزنازين.

2. تقرير منظمة "بتسيلم" – "أهلًا بكم في جهنم"

وثّقت منظمة بتسيلم في تقريرها "أهلًا بكم في جهنم" أكثر من 55  شهادة لأسرى من الضفة الغربية والقدس وغزة. أحد الأسرى ذكر أن أول ما سمعه عند دخوله سجن مجدو كان :أهلًا بكم في جهنم".
كما تحدثت إحدى الأسيرات عن اقتحاماتٍ يومية لزنازين النساء، حيث جرى ضربهن على رؤوسهن ورشّ رذاذ الفلفل داخل الزنازين، مما سبّب حالات اختناق وإغماء.

3. شهادات من معسكر “سدي تيمان”

كشف تحقيق لشبكة CNN الأمريكية عن شهادات صادمة لموظفين إسرائيليين عملوا في المعسكر، أكدوا أن الأسرى يُحشرون معصوبي الأعين ومقيّدي الأيدي في غرف مكتظة، ويُمنعون من التحدث أو الحركة. وصف أحدهم المشهد بأنه "ظروف غير إنسانية أشبه بمعسكرات العقاب الجماعي".

أنماط الانتهاكات الموثقة

• التعذيب الجسدي والنفسي: الضرب المبرّح، التهديد بالقتل، الإذلال الجنسي، الحرمان من النوم والطعام.
• الاعتداءات الجنسية: الاغتصاب، التحرش، والتصوير المهين أثناء التعذيب كما أظهر التسريب الأخير من سدي تيمان.
• الحرمان من الحقوق الأساسية: منع الاستحمام لأيام، تقليص الطعام، الحرمان من العلاج الطبي والاتصال بالعائلة.
•  العزل الانفرادي المطوّل: احتجاز الأسرى في زنازين ضيقة ومظلمة لفترات طويلة دون تواصل مع العالم الخارجي.

انتهاكات القانون الدولي

تُشكّل هذه الممارسات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا:

• لاتفاقية مناهضة التعذيب (1984) التي تحظر أي شكل من أشكال التعذيب والمعاملة المهينة.
• لاتفاقيات جنيف الرابعة (1949) التي تفرض على دولة الاحتلال حماية المعتقلين وضمان كرامتهم.
• ولنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) الذي يعتبر الاغتصاب والتعذيب والمعاملة القاسية من الجرائم ضد الإنسانية (المواد 7 و8).

دعوة إلى تحرّك دولي عاجل

1. تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في جرائم التعذيب والاغتصاب في سجن سدي تيمان وسائر المعتقلات.
2. إحالة ملفّ الجرائم الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
3. وقف التعاون الدولي مع منظومة السجون الإسرائيلية إلى حين إخضاعها للرقابة الأممية وضمان المحاسبة.